تصميم البحث وتحديد خطواته الإجرائية

بعد أن يختار الباحث المشكلة ويضعها في إطار بحثي ويراجع الدراسات السابقة ذات الصلة بها، يحدد في هذه الخطوة الكيفية الإجرائية لبحثها.

 

وتُعد هذه الخطوة من أهم خطوات إعداد البحث لأنها أكثر ما يُراجع من قبل مقوم البحث من جانب، وهي الأساس في قيمة البحث من جانب آخر. فمثلاً قد تكون المشكلة جيدة وذات أهمية بالغة ولكن خطواتها الإجرائية غير علمية مما يجعل قيمة بحثها ليست ذات جدوى كبيرة.

 

وبعبارة أخرى يمكن القول بأن الباحث بإعداده للخطوتين السابقتين (تحديد ماهية المشكلة) و (مراجعة الدراسات السابقة) استطاع أن يجيب إجابة علمية وافية بل ودقيقة على السؤالين التالين:

ماذا سوف يبحث؟

لماذا يبحثه؟

 

ولكن قبل أن ينتقل من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التنفيذ يلزمه أيضاً أن يجيب على سؤال ثالث هو:

 

كيف يبحثه؟

وهنا ينتقل الباحث إلى الخطوة الثالثة من خطوات إعداد بحثه التي تتناول توضيح الكيفية التي سوف يتبعها الباحث في تصميمه للبحث وتحديد خطواته الإجرائية. وهذا التوضيح يتطلب من الباحث أن يبين بكل جلاء ما يلي:

  • منهج البحث الذي سوف يطبقه وما يتبعه من خطوات تنفيذية يتطلبها إجراؤه.
  • وصف واضح لمجتمع البحث.
  • تحديد دقيق لعينة البحث وشرح علمي لطريقة اختيارها.
  • عرض متكامل لأداة البحث.
  • تقرير الأسلوب الذي يتم تطبيقه في جمع المعلومات.
  • اختيار أسلوب معالجة المعلومات.
  • إجراء تجربة توضح للباحث إمكانية تنفيذ الخطة البحثية التي اختطها لبحثه.

 

 

تحديد هذه الخطوات الإجرائية لا يعني – إطلاقاً – أنها خطوات ثابتة لا تتغير مع كل بحث، وإنما في الحقيقة أن ما يناسب دراسة مشكلة قد لا يناسب دراسة مشكلة أخرى ولكن مع اعتبار ذلك فتلك الخطوات غالباً ما يشتمل عليها أوبعضها معظم البحوث في العلوم السلوكية. ولهذا سوف نتناولها بالتفصيل.

 

  • منهج البحث:

مرحلة اختيار منهج البحث تأتي في مقدمة مراحل تصميم البحث وذلك لأن كل منهج له تصميماته، بل إن كل ما يتلو خطوة اختيار منهج البحث من خطوات تأتي تبعاً لها وتتشكل طبقاً لها.

 

يُعرف (منهج البحث) بتعريفات متعددة لعل من أشملها التعريف الذي أورده بدوي (1977م) بقوله إن منهج البحث يعني “الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة، تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة”.

 

ولكن على الرغم مما يؤكده هذا المفهوم من وحدة المنهج إلا أن ارتباط البحث العلمي بأبعاد زمنية ومكانية متعددة، وسعيه لتحقيق أهداف مختلفة، يتطلب – بلا شك – تعداداً في أساليب تطبيقه، ولهذا أصبح هناك ما يسمى فيما بعد بمناهج البحث.

 

ومن هذا المنطلق أصبح لزاماً على الباحث قبل أن يختار منهجاً لبحثه أن يجيب على الأسئلة التالية:

 

هل مشكلة البحث تتعلق بالماضي أم بالحاضر أم بالمستقبل؟

 

هل البحث سوف يتم في المكتبة أم بواسطة المعايشة الفعلية من قبل الباحث، أو من خلال الإستجواب المباشر أو غير المباشر؟

 

 

 

 

هل الهدف من البحث يقف عند حد الوصف أو يتجاوزه إلى التفسير والتعليل ومعرفة الأسباب المؤثرة في الظاهرة المدروسة؟

 

فمثلاً إذا أجاب الباحث على هذه الأسئلة بالإجابات التالية:

أن مشكلة البحث تتعلق بالحاضر.

أن البحث سوف يتم في المكتبة.

أن الهدف من البحث معرفة الأسباب ذات الأثر على الظاهرة المدروسة.

فحينئذ يكون منهج البحث المنهج الوصفي من خلال الأساليب التالية:

البحث الوثائقي والبحث السببي المقارن.

 

ونظراً لتعدد مناهج البحث وأساليبه فقد خصص لها الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب الذي اشتمل على عرض سريع لكل منهج من حيث:

 

مفهومه، متى يطبق؟، كيف يطبق؟، وأخيراً مميزاته وعيوبه. ولهذا يُنصح الباحث أن يطلع عليه قبل اختياره لمنهج البحث.

 

  • مجتمع البحث:

الخطوة الثانية من خطوات التصميم وصف وتحديد مجتمع البحث. ومجتمع البحث مصطلح علمي منهجي يراد به كل من يمكن أن تعمم عليه نتائج البحث سواء أكان مجموعة أفراد أو كتب أو مباني مدرسية… إلخ. وذلك طبقاً للمجال الموضوعي لمشكلة البحث.

 

فمثلاً إذا كانت المشكلة تتعلق بالمباني المدرسية الحكومية في المملكة العربية السعودية فمجتمع البحث يشمل كل مبني مدرسي حكومي في المملكة. أما إذا كانت المشكلة تتعلق بمدرس مادة معينة في المرحلة المتوسطة كالرياضيات مثلاً فمجتمع البحث يشمل كل مُدرسٍ لهذه المادة في المرحلة المتوسطة.

 

 

 

 

وحصر مجتمع البحث يعد ضرورياً للأسباب الثلاثة التالية:

  • تبرير الإقتصار على العينة بدلاً من تطبيق البحث على مجتمعه، فالأصل في البحث العلمي أن يطبق على كل مفردة من مفردات مجتمع البحث ولكن هذا يكاد يكون مستحيلاً أو على الأقل صعباً جدً خاصة عندما يكون عدد أفراد مجتمع البحث كبير جداً فيتطلب تطبيقه عليهم جميعاً تكاليف مادية، ووقت طويل. ولهذا يضطر الباحث إلى الإقتصار على عينة ممثلة له.

 

  • معرفة مدى قابلية نتائج البحث للتعميم.

فمعظم البحوث العلمية تجري بغرض تعميم نتائجها. وهذا لن يتحقق ما لم يعرف الإطار العام (مجتمع البحث) الذي لا يتجاوزه تعميم النتائج.

 

  • تأكيد تمثيل العينة لمجتمع البحث.

فيشترط لصدق تعميم نتائج البحث المطبق على عينة أن تكون تلك العينة ممثلة لمجتمع البحث. أي يكون هناك تناسب بين عدد أفراد العينة وبين عدد أفراد مجتمع البحث. وهذا لن يتحقق ما لم يعرف مجتمع البحث.

 

وحتى يستطيع الباحث اختيار عينة ممثلة لمجتمع البحث، لابد له من قائمة بجميع أفراد مجتمع البحث لا تحتوي على الأسماء فقط وإنما على معلومات كافية عن كل واحد، يستطيع الباحث بموجبها الإتصال بأي فرد متى شاء.

 

والحصول على قائمة مثل هذه يمكن عندما يكون عدد أفراد المجتمع قليل ولكن الحصول على قائمة بأفراد مجتمع كبير يعد صعباً للغاية حيث يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين.

 

ومن هنا فرَّق علماء المنهجية بين مصطلحين مصطلح (المجتمع الكلي للبحث) أو الحصر الشامل – كما يسميه بعضهم – ومصطلح (المجتمع الذي يمكن التعرف عليه).

 

 

 

 

(فالمجتمع الكلي للبحث): يعني كل من يمكن أن تُعمم عليه نتائج البحث.

 

بينما (المجتمع الذي يمكن التعرف عليه) يعني القائمة التي يمكن للباحث أن يتعرف عليها. فمثلاً المجتمع الكلي لطلاب المرحلة المتوسطة في المملكة يشمل كل طالب يدرس في هذه المرحلة في أي بلد من المملكة. بينما المجتمع الذي يمكن التعرف عليه منهم فيخص القائمة التي يستطيع الباحث الحصول عليها من إدراة التعليم في منطقة واحدة مثلاً.

 

وهنا يتدرج تعميم النتائج من العينة إلى المجتمع الذي يمكن التعرف عليه ثم إلى المجتمع الكلي طبقاً للشكل التالي:

 

المجتمع الكلى للبحث
المجتمع الذى
  العينة  
يمكن التعرف عليه

 

 

  • عينة البحث:

الأصل في البحوث العلمية أن تجري – كما قيل سابقاً – على جميع أفراد مجتمع البحث لأن ذلم أدعى لصدق النتائج، ولكن يلجأ الباحث لاختيار عينة منهم إذا تعذر ذلك بسبب كثرة عددهم مثلاً.

 

وحتى يصبح تعميم النتائج على جميع أفراد مجتمع البحث ممكناً، وحتى تصبح العينة ممثلة حقاً لمجتمع البحث اشترط علماء المنهجية فيها الشروط التالية:

 

  • تجانس الصفات والخصائص بين أفراد العينة وأفراد مجتمع البحث. فالعينة يجب أن تكون إنعكاساً شاملاً لصفات وخصائص مجتمع البحث.

 

 

 

  • تكافؤ الفرص لجميع أفراد مجتمع البحث. فكل فرد من أفراد مجتمع البحث يجب أن يعطي فرصة متكافئة مع غيره لأن يكون من بين أفراد العينة.

 

  • عدم التحيز في الاختيار. وذلك بتطبيق طريقة اختيار تكفل الموضوعية وعدم التحيز.

 

  • تناسب عدد أفراد العينة مع عدد أفراد مجتمع البحث. ولكن على الرغم من أهمية هذا الشرط ليس هناك تحديد للعدد متفق عليه، فعدد أفراد المجتمع، وطبيعة المشكلة المدروسة، وكذلك منهج البحث المطبق عوامل أساسية فيه.

 

إلا أنه أيضاً من أجل التحقق من صدق تمثيل العينة للمجتمع يؤكد علماء المنهجية المبدأ العام الذي يقول بأنه [كلما كبر حجم العينة، كان تمثيلها للمجتمع أصدق]، بل وتتحقق الأهداف التالية:

  • أمكانية تعميم النتائج.
  • اختبار الفروض وإجابة أسئلة البحث.
  • تطبيق المعالجات الإحصائية بدقة.
  • قله احتمال قبول الفروض الصفرية.

 

ومما يُعين الباحث على تقرير حجم العينة الأخذ ببعض التوجيهات التي أوردها علماء المنهجية، ومنهم ما أورده عمر (1403هـ) بقوله “أهم العوامل التي تؤثر على تحديد حجم العينة ما يلي:

 

  • تجانس وحدات مجتمه الدراسة: .. يتحدد حجم العينة بمدى اختلاف أو تجانس وحداتها. فكلما قل الاختلاف وضؤل التفاوت بين وحداتها جاز أن ينقص حجم العينة. وإذا اشتد التفاوت لزم زيادة حجمها.

 

 

 

  • عدد البحوث السابقة التي تناولت نفس موضوع الدراسة، حيث تساعد الباحث بالتعرف على حجم العينات التي استخدمت ومدى تجانس أو عدم تجانس مجتمعات دراساتهم والنتائج التي توصلوا إليها خلال تلك العينة التي استخدموها. أي أن البحوث السابقة تساعد الباحث على تسليط الضوء على المشاكل التي واجهوها في تحديد عيناتهم.

 

  • نوع العينة المستخدمة بالدراسة إذا كانت من النوع العشوائي فسوف تعمل على تسهيل عملية تحديد حجم العينة أكثر من الطبقية أو المركبة لإن العينة التي تكون طرق تطبيقها بسيطة وذات متطلبات عملية واضحة تسهل على الباحث تحديد عينة بحثه والعكش صحيح.

 

  • كمية المال المخصص للدراسة. فإذا كانت كمية المال كبيرة فإن ذلك يساعد الباحث على سحب عينة كبيرة الحجم والعكس صحيح.

 

  • الوقت المخصص للدراسة، فإذا كانت الفترة الزمنية المخصصة للدراسة طويلة فإن ذلك يساعد الباحث على سحب عينة كبيرة الحجم والعكس صحيح.

 

  • يؤثر عدد الباحثين المساهمين بالدراسة على تحديد حجم عينة البحث فإن كان عددهم كبيراً فسوف يساعد الباحث على سحب عينة كبيرة الحجم والعكس صحيح”.

 

طرق اختيار العينة:

يقع الباحث المبتديء في حيرة عندما يطلع على كتب المنهجية ليتعرف على الطرق المختلفة لاختيار العينة، ومكمن حيرته أن كل كتاب يورد أسماء خاصة به. ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

 

 

 

 

عمر (1403هـ) أورد الأسماء التالية:

  • العينة العشوائية
  • العينة المنظمة
  • العينة التدرجية
  • العينة المركبة أو المتعددة المراحل
  • العينة المساحية
  • العينة القصدية
  • العينة الغرضية
  • العينة الحصية

 

أما نصر (1402هـ) فقد اورد الطرق بالأسماء التالية:

  • العينة البسيطة
  • العينة المنتظمة
  • العينة الطبقية
  • العينة الحصصية
  • العينة العمدية
  • العينة القطوعية

 

أما حسن (1982هـ) فتشبه تسمياته بالتسميات التي أوردها نصر وأضاف عليها العينة المساحية.

 

وهناك من أورد اسم العينة العنقودية.

 

ومما يبدو أنه ليس هناط مبرراً لهذا الإختلاف إلا الترجمة فطرق الإختيار أساساً مصطلحات باللغة الإنجليزية فهناك من يترجمها بإسم وآخر يترجمها بإسم مختلف. ومما يدل على ذلك مما تُرجمت به الطريقة التالية:

 

 

 

 

 

Purposive Sample ترجمها السالم (1982م) إلى العينة المقصودة. بينما ترجمها حسن (1982م) إلى العينة العمدية. ولتسهيل عرض طرق الاختيار على الباحث المبتديء يمكن القول بأن طرق الإختيار نوعين:

 

  • الطريقة الإحتمالية: وهي ما لا يتحكم الباحث في اختيار أفراد العينة وتتطلب معرفة تامة بأفراد مجتمع البحث.
  • الطريقة غير الإحتمالية: وهي ما يتحكم الباحث في اختيار أفراد العينة ولا تتطلب معرفة أفراد مجتمع البحث. ولهذا فلا تتساوى الفرصة لإفراد مجتمع البحث للدخول في العينة.

 

ولكل طريقة أساليب متعددة فأساليب الطريقة الإحتمالية هي:

  • الطريقة العشوائية
  • الطريقة المنظمة
  • الطريقة الطبقية
  • الطريقة العنقودية

 

أما أساليب الطريقة غير الإحتمالية فهي:

  • الاختيار بالمصادفة
  • الطريقة العمدية
  • الطريقة الحصية

 

أولاً: الطريقة العشوائية:

والعشوائية هنا لا تعني الفوضى وإنما تعني أن الفرصة متساوية ودرجة الإحتمال واحدة لأي فرد من أفراد مجتمع البحث ليتم اختياره أحد أفراد عينة البحث دونما أي تأثر أو تأثير. ويمكن تنفيذ الاختيار العشوائي هذا بإحدى طريقتين:

 

  • الطريقة البسيطة: وذلك بإعطاء كل فرد من أفراد مجتمع البحث رقماً ثم خلط الأرقام جيداً حتى لا يمكن تسلسلها أو معرفتها، ومن ثم سحب أرقام بعدد حجم العينة المراد ليتم تطبيق الدراسة عليهم بصفتهم عينة ممثلة لمجتمع البحث.

 

 

(ب) استخدام جداول الأعداد العشوائية: وهي عبارة عن قائمة من الأرقام تم ترتيبها بواسطة الكمبيوتر وذلك لضمان عدم تسلسلها.

 

ولا يلجأ الباحث لاستخدام هذه الطريقة إلا إذا كان عدد أفراد مجتمع البحث كبيراً نظراً لما تتطلبه من جهد ووقت كبيرين..

 

ثانياً: الطريقة المنظمة:

والتنظيم هنا يعني أن الإختيار يقع طبقاً لتنظيم معين يحدده الباحث أما الإختيار ذاته فلا يخضع لأي نوع من التنظيم وإلا لما أصبحت هذه الطريقة إحدى أساليب الطريقة الإحتمالية. ولتطبيق الطريقة المنظمة يتبع الباحث الخطوات التالية:

  • يضع الباحث رقماً لكل فرد من أفراد مجتمع البحث.
  • يقسم مجتمع البحث على حجم العينة الذي قرره.
  • يختار أحد الأرقام التي تحصل عليها من نتائج القسمة اختياراً عشوائياً.
  • يحدد طول الفاصل بين الرقم الذي اختاره (في الخطوة الثالثة) وبين رقم آخر في القائمة.
  • يختار كل رقم يقع في نهاية الفاصل الذي حدده.

 

مثال:

لنفرض أن عدد أفراد مجتمع البحث ألف طالب [1000]، وعدد أفراد العينة التي سوف يختارها مئة طالب [100]، فيبدأ الباحث بوضع رقم لكل واحد من أفراد مجتمع البحث [من رقم 1 إلى رقم 1000] ثم يَقسم 1000÷ 100= 10، وبعد ذلك يختار أحد الأرقام التي لا تزيد عن رقم 10 اختياراً عشوائياً. ولنفرض أنه وقع الإختيار على رقم 5، وبعد ذلك يحدد الفاصل وليكن مثلاً أي رقم مضاعف لرقم 5، ثم يبدأ بسحب 100 رقم وذلك كالتالي 5،10، 15، 20، 25، 30، 35… حتى يسحب العدد الكلي للعينة التي اختارها.

 

 

 

 

 

ثالثاُ: الطريقة الطبقية:

والطبقية هنا تعني تقسيم أفراد مجتمع البحث إلى فئات طبقاً لسنهم أو مستواهم العلمي، أو دخلهم الشهري مثلاً. ويتم الإختيار من كل فئة بسحب عدد منها عشوائياً أو منتظماً. ويشترط في هذه الطريقة أن يكون هناك فرق فعلي بين الفئات كأن يكون المجتمع يتكون من متعلمين وغير متعلمين، أو من ذكور وإناث بحيث أن الفرق يمكن أن يؤدي إلى فرق في الإستجابة لما يطرحه عليهم الباحث من مواقف تتعلق بالمشكلة المدروسة.

 

رابعاً: الطريقة العنقودية:

وحدة العينة في هذه الطريقة ليست مفردة وإنما مجموعة. فمثلاً عندما يختار الباحث عينة من عدة مدارس اختياراً عشوائياً، ومن ثم يطبق الدراسة على كل طالب من طلاب المدرسة المختارة التي تم سبحها. وهذا الأسلوب يسمى “طريقة عنقودية متعددة المراحل”.

 

أما إذا كان الإختيار يطبق على الطلاب دون التقيد بالمدرسة كأن يتم الإختيار من طلاب السنة الأولى متوسطة فتكون العينة مفردة وليست عنقودية.

 

وتطبق الطريقة العنقودية عندما يصبح من الصعب تطبيق الإختيار الفردي إما لكثرة أفراد مجتمع البحث أو لتعذر حصول معلومات عنهم.

 

خامساً: الإختيار بالمصادفة:

لا يخضع الإختيار بالمصادفة لأي تنظيم وإنما يتم اختيار من يتحصل عليه الباحث صدفة أو من يتطوع بالمشاركة مثلاً. كأن يقرر الباحث اختيار أول عشرة طلاب يدخلون من باب المدرسة.

 

سادساً: الطريقة العمدية:

وهناك من يسمى هذه الطريقة بالطريقة المقصودة، أو الإختيار بالخبرة وهي تعني أن أساس الإختيار خبرة الباحث ومعرفته بأن هذه المفردة أو تلك لتمثل جميع المدارس يعد اختياره هذا اختياراً عمدياً.

 

 

وينصح الباحث عندما يضطر إلى تطبيق هذا الأسلوب في الإختيار أن يبرره تبريراً علمياً حتى لا يُتهم بالتحيز.

 

سابعاً: الطريقة الحصية:

وهي ما يسميها بعض علماء المنهجية بالعينة التدرجيه. وسميت حصية لإن مجتمع البحث يقسم إلى فئات طبقاً لصفاته الرئيسة، وتُمثل كل فئة في العينة بنسبة وجودها في المجتمع. فمثلاً إذا كان مجتمع البحث طلاب الجامعة فيصنفون أولاً طبقاً لتخصصاتهم، ثم يقرر الباحث النسبة المئوية المطلوب سحبها من كل تخصص ولتكن مثلاً [5%]، ويبدأ بسحبها. وبهذا يتدرج حجم العينة طبقاً لعدد الطلاب في كل تخصص. فالتخصصات ذات الأعداد الكبيرة يكون تمثيلها في العينة أكبر من تمثيل التخصصات ذات الأعداد الصغيرة.

 

  • أداة البحث:

بعد أن يوضح الباحث مشكلة البحث توضيحاً كاملاً، ويراجع الدراسات السابقة التي تناولتها، طبقاً للخطوات التي تم عرضها في الفصلين الأول والثاني من هذا الباب، وبعد أن يحدد منهج البحث وكذلك مجتمعه، ويختار عينة ممثلة له، بعد هذا كله يُصمم أو يختار أداة البحث التي تقتضيها طبيعة المشكلة المدروسة، ويحددها مصدر المعلومات، وكذلك يتطلبها منهج البحث المتبع في دراستها.

 

ومصطلح (أداة البحث) مصطلح منهجي يعني الوسيلة التي تجمع بها المعلومات اللازمة لإجابة أسئلة البحث أو اختبار فروضه.

 

وتجمع المعلومات بواسطة واحدة أو أكثر من الأدوات التالية:

  • الاستبانة
  • المقابلة
  • الملاحظة
  • الإختبارات المقننة.

 

 

 

 

وحتى تحقق الأداة الغرض المنشود منها على الوجه الأكمل يتعين على الباحث قبل تصميمه أو اختياره لها إتباع ما يلي:

 

  • أن يحدد المعلومات التي تتطلبها إجابة أسئلة البحث أو اختيار فروضه. وبهذا يعرف الباحث مدى إمكانية إجابة أسئلة البحث إجابة علمية. فقد يتبين له – مثلاً- أن واحداً منها أو أكثر غير قابل للإجابة لإن المعلومات التي تخول إجابته غير ممكنة التحقق. وهنا يضطر لحذفه أو إعادة صياغته.

 

  • أن يحدد مصادر المعلومات: فهل هي وثائق وكتب وسجلات مكتوبة. أم أشخاص؟ أم مباني وآثار؟ … إلخ، أم هي خلط من هذا وذاك؟ وإذا كانت مصادر المعلومات عبارة عن أشخاص فما مواصفاتهم من حيث قدرتهم على الإدلاء بالمعلومات المطلوبة منهم؟ أي هل هم أميون أم متعلمون مثلاً؟.

 

وتحديد مصادر المعلومتا إبتداءً أمر ضروري بل ومفيد للباحث فقد يتضح له أن المصادر لكل جوانب المشكلة أو لبعضها عبارة عن وثائق وسجلات يمكن الرجوع إليها مباشرة واستخراج الأدلة الوثائقية التي تمكنه من إجابة أسئلة البحث أو اختبار فروضه دونما حاجة إلى تصميم أداة بحث. وهنا يتوفر له من الوقت والجهد الشي الكثير. كما أن تحديد المصادر يعد أمراً لازماً لتقرير الأداة المناسبة فإذا كانت مصادر المعلومات – مثلاً – عبارة عن أشخاص أميين أو أطفال فلا يمكن أن تكون الأداة إلا المقابلة أو الملاحظة.

 

  • أن يحدد الأداة أو الأدوات اللازمة لجمع المعلومات التي تتناسب مع طبيعة المشكلة. فالاستبانة – مثلاً – لا تعد أنسب أداة لجمع معلومات يمكن الحصول عليها مباشرة من الوثائق والسجلات، والإختبار المقنن أوثق من الرجوع لدرجات إمتحانات الطلاب.

 

وبهذا يمكن القول بأن المفاضلة بين أدوات البحث لا يحكمها ذوق الباحث ورغبته، وإنما تتحدد بعدة عوامل منها:

 

 

 

  • طبيعة المشكلة المدروسة.
  • مصادر المعلومات.
  • منهج البحث المتبع.

 

  • أن يستشير متخصصاً في الإحصاء – إذا كان سيقوم بتحليل المعلومات إحصائياً – حتى يستطيع أن يصمم الأداة وفقاً لأسئلة البحث أو فروضه ويبوب بنودها تبويباً يستطيع معه أن يحلل المعلومات بوقت قصير وجهد قليل.

 

  • أن يقوم بإجراء دراسة تجريبية للأداة بعد تصميمه لها تصميماً أولياً، وذلك بتوزيعها على عدد قليل من ذوي الخبرة ليتأكد من صحة لغتها ووضوح مدلول بنودها ثم يوزعها على عدد قليل ممن تنطبق عليهم مواصفات أفراد العينة ليتأكد من صدقها وثباتها.

 

ونظراً لما تتطلبه أدوات البحث من تفصيل في مفهومها، وخطوات إعدادها، ومن ثم طرق تطبيقها فقد خُصص لها الباب الثالث في هذا الكتاب.

 

  • جمع المعلومات:

تحديد الأسلوب الذي سوف يتبعه الباحث في جمعه للمعلومات يعد أحد الخطوات المهمة التي يجب أن يشتمل عليها تصميم البحث. حيث أن هناك عدد كبير من الأساليب التي يمكن للباحث أن يطبقها لجمع المعلومات، ولكل أسلوب منها مميزاته وعيوبه.

 

كما إن طبيعة (مصدر المعلومات)، والإمكانات المادية للباحث تعد عوامل أساسية تؤثر على المفاضلة بين الأساليب، فالإرسال البريدي يعد أسلوباً جيداً عندما يكون مصدر المعلومات عبارة عن أشخاص متعلمين ولكنه غير مجد إطلاقاً عندما يكونوا أميين. كما أن التوزيع المباشر أجدى من التوزيع غير المباشر عندما يملك الباحث الإمكانات المادية التي تمكنه من القيام به.

 

 

 

 

وأخيراً لأداة البحث أثر واضح على اختيار أسلوب جمع المعلومات، فهناك من الأساليب التي يمكن تطبيقها عندما تكون أداة البحث إستبانة بينما لا يمكن تطبيقها عندما تكون مقابلة أو ملاجظة والعكس أيضاً صحيح فالإرسال البريدي مثلاً أحد الأساليب التي لا يمكن تطبيقها عندما تكون أداة البحث المقابلة بينما يمكن تطبيقها عندما تكون الاستبانة هي أداة البحث.

 

وأهم أساليب جمع المعلومات التي يمكن للباحث أن يختار منها ما يلائم طبيعة بحثه وإمكاناته المادية الأساليب التالية:

 

(أ) الجمع المباشر: وهو ما يقوم به الباحث ذاته من خلال تطبيقه لأي من الطرق التالية:

1- التوزيع المباشر: أي تسليم الباحث نسخة من الاستبانة للمستجوب.

2- مقابلة الباحث المباشرة مع المستجوب.

3- تطبيق الملاحظة من قبل البحث.

 

(ب) الجمع غير المباشر: وهو ما يتم من خلال تطبيق إحدى الطرق التالية:

1- إرسال الاستبانة للمستجوب بواسطة البريد.

2- توزيع الاستبانة بواسطة مساعد الباحث.

3- الإتصال الهاتفي بالمستجوب.

4- مقابلة المستجوب بواسطة مساعد الباحث.

5- تطبيق الإختبار المقنن والإشراف عليه من قبل مساعد الباحث.

 

ولكل طريقة من طرق الجمع المباشر وغير المباشر مميزات وعيوب كثيرة فمثلاً من أهم مميزات التوزيع المباشر ما يلي:

  • ارتفاع نسبة المجيبين.
  • قلة احتمال إجابة أداة البحث من غير من يجب أن يجيب عليها.
  • إمكانية توضيح ما يلزم توضيحه للمستجوب.

 

 

 

 

أما أهم عيوب التوزيع المباشر فهي:

  • ارتفاع النفقات المادية التي يقتضيها تنقل الباحث بين مواقع أفراد العينة.
  • الحاجة إلى وقت طويل يقتضيه سفر الباحث لمواقع أفراد العينة.
  • التأثير السلبي على موضوعية الإجابة عندما يلتقي الباحث بالمستجوب أمام تعدد أساليب جمع المعلومات وطرقها، ومالها من مميزات وما يكتنفها من عيوب، يصبح الباحث في حيرة ولكن مما يساعده على اتخاذ قرار حول أي الطرق يستحسن تطبيقها هو إجابته على الأسئلة التالية:

 

  • هل إمكاناته المادية تمكنه من التنقل؟
  • هل لديه من الوقت ما يكفي ليتولى التوزيع بنفسه؟
  • هل الأسئلة والمواقف المطروحة من العمق وعدم الوضوح لدرجة تستلزم وجود الباحث ليوضحها للمستجوب؟

 

فإذا كانت إجابة الباحث على هذه الأسئلة وما شاكلها بالإيجاب فمما لا شك فيه أن الجمع المباشر أدعى وأولى بالتطبيق وإلا فلا.

 

  • تحليل المعلومات:

أيضاً يعد تحليل أسلوب معالجة المعلومات خطوة مهمة من خطوات تصميم البحث. فينبغي على الباحث أن يحدد الأسلوب الذي سوف يطبقه لمعالجة المعلومات قبل البدء في تنفيذ البحث.

 

وتكمن أهمية تحديد أسلوب المعالجة إبتداءً في إمكانية تجريب ذلك الأسلوب للتأكد من إمكانية تطبيقه، ومن ثم الجزم بأنه الأسلوب الأمثل الذي يؤدي إلى إجابة أسئلة البحث أو اختبار فروضه إجابة علمية.

 

 

 

 

أيضاً طبيعة المشكلة، ومنهج البحث المطبق، وكذلك الأداة التي سوف تجمع بها المعلومات عوامل رئيسة ذات أثر في اختيار أسلوب المعالجة. وعليه فإنه لا يمكن القوف بإن المفاضلة بين الأساليب تعود لذوق الباحث ورغبته. فالبحث الوثائقي – مثلاً – يتطلب تحليلاً كيفياً بينما تحليل المحتوى يتطلب تحليلاً كمياً. وعندما تكون أداة البحث الملاحظة مثلاً فإسلوب التحليل الرئيسي أسلوباً كيفياً، ولكن عندما تكون أداة البحث إستبانة مغلقة فيغلب أن يكون أسلوب التحليل أسلوباُ كمياً.

 

وأساليب معالجة المعلومات تقع تحت قسمين رئيسيين هما:

  • التحليل الكيفي: ويقصد به استنتاج المؤشرات والأدلة الكيفية ومحاولة الربط بين الحقائق واستنتاج العلاقات.

 

  • التحليل الكمي: ويقصد به تحليل المعلومات رقمياً، أي استنتاج المؤشرات والأدلة الرقمية الدالة على الظاهرة المدروسة.

 

والتحليل الكمي عنوان عام. يقع تحته عدد كبير من المعالجات الإحصائية الوصفية والإستنتاجية. ولزيادة التوضيح ثم تفصيل هذه المعالجات في الفصل الرابع من هذا الباب.

 

  • الدراسة التجريبية:

الخطوة الأخيرة في مرحلة التصميم تطبيق الدراسة تطبيقاً تجريبياً على عدد محدود ممن تنطبق عليهم مواصفات أفراد العينة الذين سوف تطبق عليهم الدراسة بصورتها النهائية.

 

 

 

 

وتكمن أهمية هذه الخطوة في التأكد من أن التصميم الذي انتهى إليه الباحث واقعي ويمكن تنفيذه، بل وسوف ينتهي بالبحث إلى نتائج علمية صادقة وثابتة. وهذا ما دعى ببعض علماء المنهجية بالبحث إلى نتائج علمية صادقة وثابتة. وهذا ما دعى ببعض علماء المنهجية مثل بورق وقول (1979م) بتشبيه هذه الخطوة بمرحلة تصميم طائرة ركاب فقالا “عندما يقوم المهندس بتصميم طائرة ركاب جديدة فإنه يعتمد في تصميمه على أسس ومباديء نظرية مما يحتم عليه بعد أن يكمل التصميم أن يقوم بتنفيذه على نموذج طائرة صغيرة تتوافر فيها جميع أسس التصميم التي صممت الطائرة الحقيقية طبقاً لها. ومن ثم يجرب طيران ذلك النموذج ليتأكد من واقعية تلك الأسس والمباديء النظرية، فإن طارت ولم تواجه عقبات فإن هذا يعني أن التصميم للطائرة الحقيقية جيد ويمكن تنفيذه بأمان”.

 

فالباحث عندما يصل إلى هذه الخطوة يعد أكمل بصورة نهائية جميع خطوات مرحلة التصميم فقد حدد المشكلة، وصاغ الفروض، وكذلك صمم أداة للبحث، وحدد أسلوب لجمع المعلومات وكذلك لتحليلها.

 

وحتى ينتقل إلى مرحلى التنفيذ بأمان لابد له من تجريب ما صممه.

 

وهذا التجريب يحقق له فوائد كثيرة يأتي في مقدمتها ما يلي:

  • توفير وقت الباحث. وتتضح أهمية هذه الفائدة عندما يجري الباحث بحثه دون دراسة تجريبية وتبين له أوجه نقص كبيرة تستدعي إعادة كل أو بعض خطوات التصميم وكذلك التنفيذ
  • اختبار أداة البحث ومدى حاجتها لزيادة أو حذف.
  • التأكد من إمكانية تطبيق أسلوب جمع المعلومات الذي اختاره.
  • التأكد من إمكانية تطبيق أسلوب تحليل المعلومات الذي اختاره.
  • تحديد أسلوب تبويب المعلومات.
  • فتح آفاق جديدة لدى الباحث لإضافة بعض الأفكار المهمة أو حذل غير المهم.
  • إمكانية الإستفادة من وجهات نظر من طبقت عليهم الدراسة حول تصميماتها.

 

 

 

 

ولهذا ينصح الباحث أن يولي الدراسة التجريبية أهمية خاصة لتتحقق منها الفائدة المنشودة، فيتعين عليه أن يعدها بمثابة إجراء حقيقي يتطلب دقة تامة في توزيع أداة البحث, ومن ثم تحليلها.

 

وبهذا وحده يتبين له مواطن الضعف – إن كان هناك شيئاً منها – في خطوات التصميم ليعمل على تلافيها قبل البدء في المرحلة التنفيذية.

 


لتنمية مهاراتك وللحصول على دورات مجانية و منح دراسية و شهادات معتمدة يمكنك التسجيل بـ سيرتيفياند

 

Comments

comments